دافعية التعلم عند المتعلم
دافعية التعلم عند المتعلم
تقسم الدوافع بشكل عام إلى فئتين رئيسيتين:
1- الدوافع الأولية (الدوافع البيولوجية وتسمى دوافع البقاء):
وهي الدوافع الفطرية المرتبطة بطبيعة النوع الإنساني وتسمى بالدوافع البيولوجية وتتضمن دافع الجوع والعطش والجنس وقد ساد اتجاه في بداية القرن الحالي يفترض أن الغرائز هي القوى الدافعة الأولية للسلوك الإنساني.
2- الدوافع الثانوية (الدوافع المكتسبة أو المتعلمة وتسمى دوافع الاكتفاء):
وهي تلك الدوافع التي يبدو أنها تشتق من خبرة الفرد خاصة داخل ثقافة من الثقافات لذلك يطلق عليها الدوافع المتعلمة أو المكتسبة وتؤكد هذه الدوافع على أهمية العوامل الثواب والعقاب في تشكيل النماذج السلوكية التي تتبع فيها ويتم اكتساب الدوافع المتعلمة حينما يستدعي هدف من الأهداف استجابات منتظمة لا ترتبط بأي حافز بيولوجي وتلعب الدوافع المكتسبة أو المتعلمة دوراً عاماً في فاعلية عملية التعليم ويمكن تصنيف هذه الدوافع إلى فئتين أساسيتين:
أ- الدوافع السلبية: كدوافع القلق والذنب والعدوان وهي مجموعة من الدوافع المتعلمة كنواتج غير سارة لمواقف مؤلمة أو مخيفة أو ضاغطة.
ب- الدوافع الإيجابية: كدوافع الاعتماد والإنجاز، وهي تلك المجموعة من الدوافع التي تؤدي بالأفراد إلى البحث عن الألفة والصداقة والمودة وإلى تقديم العون والإغاثة والتنفيذ للآخرين.
(بلقيس ومرعي,1983,ص98)
ثانبا : أهمية الدافعية في التعليم:
إن دافعية التعليم لها أهمية بالنسبة للمعلم وللمتعلم ((حيث أن تنمية الميول والاهتمامات والاتجاهات تعتبر من أهداف التربية وغاياتها المستهدفة كنتاجات للتعليم والتعلم حيث أن الدافعية تشكل أحد العوامل التي تحدد ما إذا كان التلاميذ سيتمكنون من تحقيق المعرفة والفهم والمهارات التي نريدهم أن يحصلوا عليها أو يكستبوها، فمن تستثار دافعيته يحقق تعليماً فعالاً غير المستثارين يشكلون مصدر إزعاج للصف)) حيث أن أفضل المواقف هي التي تعمل على تكوين دوافع عند المتعلمين وتطبيقاً لهذا المبدأ يجب على المدرس أن يعمل على استثارة دوافع المتعلمين وذلك بتوفير الظروف والشروط المناسبة حيث أنه أحياناً يكون هناك عائق يعوق الوصول إلى الأهداف في التعليم لكن عندما يكون الدافع قوياً تكون المحاولات كثيرة ومتعددة ويصل المتعلم إلى هدفه الذي يسعى من أجله.
وطبيعة عمل المدرس هي تهيئة مواقف التعليم التي تستثير دوافع تعليمية متعددة كما يعملا لمعلم على نمو ميول المتعلمين التي تساعدهم في تكوين شخصياتهم وإكسابهم المعارف والمهارات والاتجاهات المناسبة، فالدافعية إذاً لها أهمية لكل من المعلم والمتعلم خصوصاً من خلال الدور الذي تؤديه في توجيه المتعلم نحو تحقيق التعليم المطلوب وتحقيق الهدف المنشود وبالتالي تعديل سلوكه نحو الاتجاه المرغوب.
(بلقيس ومرعي,1983,ص89)
ثالثاً: العوامل المؤثرة في دافعية التعليم:
من العوامل المؤثرة في دافعية التعليم وهما المتعلم والظروف المحيطة به.
1-ً بالنسبة للظروف المحيطة بالمتعلم:
أ- الأسرة: حيث تعد الأسرة كما نعلم البيئة الأولى والأقوى تأثيراً في حياة الطفل وبالتالي تلعب دوراً كبيراً في إعداده لمجالات الحياة المختلفة ولا سيما في مجال التعليم ودفعه لاكتسابه لذلك أي خلل في دور الأسرة ينعكس سلباً على حياة الطفل وخصوصاً دافعيته للتعليم الأمر الذي يؤدي إلى تدني مستوى تحصيله الدراسي لذلك نجد أن عملية انفصال الطفل عن الأسرة وخصوصاً الأم من أشد العوامل تأثيراً على نموه الانفعالي لذلك من المهم جداً أن يشعر بالأمان والاطمئنان في المدرسة وبشكل عام إن الأطفال الذين يأتون من بيوت تسودها المحبة والثقة يكونون أكثر استعداداً لتقبل الأوضاع الجديدة في المدرسة.
كما يقع على عاتق الأسرة مسؤولية دفعه لتحقيق المزيد من التقدم والنجاح حيث إذا قوبلت سجلات علامات التلميذ الجيدة بعدم الاهتمام واللامبالاة من قبل الأهل ولم يكافئ ولو بكلمة على نقاط جيدة أحرزها فإنه يفقد مع الوقت الرغبة والاندفاع إلى المتابعة ويبدأ وضعه الدراسي بالتدهور.
وبالمقابل فإن التلاميذ الذين يأتون من أسر تسودها الخلافات والمشاجرات بين الوالدين تؤثر سلباً على دافعيتهم للتعليم ((في إحدى الدراسات أكد "كانز" أن الأطفال الذين يعيشون مع والدين يتشاجران وعلاقتهما الزوجية غير مرضية يشعرون بالتوتر ويكونون أقل قدرة على التعامل مع مشاعرهم))..
ب- جماعة الأقران: فهي من العوامل المؤثرة في دافعية التلميذ للتعليم من خلال الأفكار التي تتبناها في أغلب الأحيان حيث نجد أنه عندما تتضارب معايير الآباء وجماعة الأقران فإن الطفل غالباً ما يتماشى مع معايير جماعة رفاقه قد يكون ذلك لتأكيد الطفل استقلاليته عن والديه ومن هنا يأتي التأثير السلبي للجماعة في متابعة الطالب لدراسته وتغيبه فقد وجدت دراسة أن الانتماء لجماعات ذات قيم معارضة للمدرسة تولد نسب عالية من الغياب والتسرب ووجدت دراسة أخرى أن جو القيم المنحرف الذي يسود جماعة الأقران أحياناً يجعل أعضاء الجماعة يتصفون بضعف العمل وبقلة الترتيب والانضباط في الصف وبكثرة كتابة الأعمال من قبل تلميذ آخر وبالوقوف ضد تقاليد المدارس والشغب ومخالفة المدرسة والمعلمين وبانخفاض التحصيل.
ج- البناء المدرسي وتوفير الجو المناسب: يعد بناء المدرسة من العوامل المؤثرة على صحة الطفل النفسية بكل ما تشمله من أثاث وموقع يبعث البهجة والسرور في نفس الطفل وبالتالي انعكاس ذلك على حبه للتعليم لذلك يجب أن تتوافر في تصميم المدرسة: اختيار الموقع الملائم والتكوين الجميل والملاعب ويجب أن تحافظ المحافظة على نظافة مبانيها وساحاتها وحسن تنظيمها ومنظرها.
وما يحصل داخل المدرسة يلعب دوراً كبيراً في دافعية التلميذ من خلال توفير جو تعليمي مفعم بالأمن والحرية في بيئة المدرسة والصف عن طريق تقبل أفكار التلاميذ ورعايتها دون تسخير وعن طريق عدم اللجوء إلى العقاب البدني في الصف.
كما يجب توفير ظروف مادية في غرفة الصف تشجع على التعليم مثل الإكثار من المثيرات الحسية في غرفة الصف وتنويعها ويشمل ذلك الوسائل التعليمية التي تضفي على الدرس حيوية مما يجعل التلاميذ مهتمين في الموقف التعليمي كما تعمل على تركيز التلاميذ على الدرس وانتباههم وإزاحة الملل.
(اللقاني ,1990,ص29-99-100)
2-ً عوامل خاصة بالمتعلم:
أ- عوامل تتعلق بحالة المتعلم النفسية: فكثيراً ما يتعرض الشخص الذي يتعلم لمشاعر القلق والشك والخوف والتردد والخشية من الإحباطات والفشل، الأمر الذي يستدعي تشتت انتباهه وبعثرة جهوده وعدم تمكنه من اتخاذ القرارات المناسبة بصدد تعلمه فإذا كان الانفعال منها ضعيفاً يصبح موجهاً، أما إذا كانت الانفعالات حادة وقوية فإنها تقود في الغالب إلى الفشل والإحباط.
ب- صحة المتعلم: فصحة المتعلم تلعب دوراً كبيراً في دافعيته للتعليم حيث أن بعض التلاميذ قد يعانون من مشكلات صحية مثل ضعف السمع أو البصر أو إعاقة بدنية أو أحد الأمراض المزمنة وهذا يعني أنهم قد يكونون أقل في مستوى الكفاءة من أقرانهم حينما يشاركون في أي شكل من أشكال النشاط المدرسي.
ج- الفروق الفردية: حيث للفروق الفردية تأثير في دافعية التعليم عند التلاميذ فتلاميذ الفصل الواحد لا يتفقون في خصائصهم العامة فلا يوجد تلميذ في صورة مطابقة لتلميذ آخر في الفصل ذاته أي أنه توجد فروق فردية بين تلاميذ الصف الدراسي الواحد نتيجة ما يحمله كل منهم من خبرات ومهارات وقيم وعادات وبالتالي لا يمكن أن ننظر للجميع من منظور واحد.
ء- حاجات تتصل بمهمات المتعلمين: توجد حاجات تتصل بمهمات المتعلمين تؤدي إلى إثارة الدافعية للمتعلمين منها:
التفوق: الحاجة إلى التفوق على الآخرين الطموح ويتكون هذا من التحصيل والاعتراف بذلك من قبل الآخرين.
التحصيل: الرغبة في التغلب على المصاعب والعقبات والقيام بأعمال صعبة بسرعة ونجاح وإتقان.
تجنب الفشل: الرغبة في الابتعاد عن الفشل والخجل والسخرية.
المعرفة: الحاجة إلى الاكتشاف والرغبة في القراءة والسعي للمعرفة وحب الاستطلاع وطرح الأسئلة.
هـ- اهتمام المتعلم: كما أن اهتمام المتعلم بالمادة وحبه لها يلعب دوراً في دافعيته لتعلمها حيث ((تختلف دوافع التعليم من فرد لآخر والدليل على ذلك أن الدافع الأساسي لتعليم موضوع ما عند فرد معين قد لا يثير عند فرد آخر أي ميل أو رغبة)).
(منسي,1994,ص48-49)
رابعاً: أسباب تدني دافعية التعليم:
إن أي خلل في العوامل المؤثرة سيؤثر سلباً على دافعية التعليم مما يؤدي إلى تدني الدافعية وبالتالي انخفاض مستوى التحصيل الدراسي عند التلميذ وهذا يمكننا إيراد أسباب تدني دافعية التعليم.
أ- الاستعداد للتعليم:
وهو سبب يتعلق بالمتعلم ذاته وقابليته للتعليم واكتساب الخبرة ومدى إقباله عليه ويعرّف الاستعداد بأنه الحالة التي يكون فيها المتعلم قادراً على تلبية متطلبات موقف التعليم والخبرة التي تعرض له وقد تم تحديد نوعين من الاستعداد ومن الأتجاهات:
الاستعداد النمائي: حيث افترض أن المرحلة التطورية النمائية التي يمر بها المتعلم تحدد مدى استعداده لاستيعاب وتمثل الخبرة التي تقدم له.
الاستعداد الخاص (القابليات): افترض أن كل خبرة أو موضوع يقدم للطلبة يتطلب توافر خبرات سابقة كما ويتطلب مفاهيم أساسية قبلية ضرورية للتعليم الحالي وإن غياب الاستعداد يسهم في تدني الدافعية للتعليم.
ب- سلوك الطلبة:
يمكن القول أن سلوك الطلبة الصفي هو نتاج خصائصهم الشخصية والبيئة الاجتماعية الصفية.
وهناك عدة عناصر صفية مهمة تؤثر في سلوك المتعلم نذكر منها:
1- الجو الصفي السائد وما يسود الطلبة من علاقات ودية أو محايدة أو عدوانية.
2- التباين في أعمار الطلبة وأجسامهم مما قد يتيح لمجموعة من الطلبة الفرصة لاستغلال قوتهم في السيطرة على الطلبة ضعاف البنية أو هزيلي الصحة ويعتبر ذلك جواً منفراً للتعليم وللحياة.
3- زيادة عدد طلبة الصف يمكن أن يسهم في اختفاء كثير من الصعوبات والمشكلات القائمة عند الطلبة مما يؤدي إلى إهمالهم وعدم معالجتهم.
4- توقعات الطلبة السلبية في ما يقدم إليهم من خبرات.
5- عجز الخبرات عن تلبية حاجات الطلبة وشعور الطلاب بالملل والضجر من الروتين اليومي الدراسي.
فعلى المعلم أخذ تلك النقاط بعين الاعتبار أثناء تعامله مع تلاميذه وتخصيص جزء من وقته لحل مثل هذه المشكلات حتى يضمن الطريقة الصحيحة في الوصول إلى المعلومة الصحيحة وتوظيفها بالشكل المطلوب من قبل التلاميذ.
ج- ممارسات المعلمين:
من المهم أن يكون المعلم ناجحاً في عمله فعليه يقع عاتق صنع الأجيال وخاصة أنه يقضي معهم وقتاً لا بأس فيه وهو يحاورهم بالدرس وما يجري من أحداث محيطة بالتلاميذ لذلك يؤمل من المعلم أن يكون فاعلاً ونشطاً ومخططاً ومثيراً لدافعية التعليم عند التلاميذ لكن كثيراً ما نجد تلاميذنا متدنيّ الدافعية للتعليم وذوو اتجاهات سلبية تجاه معلميهم نتيجة بعض الممارسات الخاطئة التي يقوم بها بعض المعلمين وفيما يلي نذكر بعض هذه الممارسات التي تسهم في تدني دافعية التعليم وهي:
1- عدم كشف المعلم عن استعدادات الطلبة للتعليم في كل خبرة يراد تقديمها للطلبة.
2- إغفال المعلم تحديد الأهداف التعليمية التي يريد تحقيقها عند الطلبة.
3- تهاون المعلم في تقديم التعزيزات للطلبة مما يقلل من أهميتها.
4- تركيز المعلم على العلامات والدرجات بدل من الأفكار ومنهم الطلبة.
5- سيطرة مزاجية المعلم وتوقعاته على معاملاته للطلبة.
6- إهمال المعلم استخدام استراتيجية التغذية الراجعة.
د- الظروف الصفية المنفردة:
يمكن ذكر عدد من الظروف الصفية التي لها أثراً في حالة تدني الدافعية عند الطلبة وهي:
1- عدم اتساع الفرص أمام الطفل للتعبير عن أفكاره ومشاعره وآرائه بحرية وبجو مفعم بالدعم والطمأنينة.
2- اللجوء إلى النشاطات الروتينية المتكررة التي تقود إلى الرتابة والملل والتي بالتالي تخفض من درجة النشاط والاستثارة العامة للطلاب.
3- تقليص النشاطات الممتعة بسبب طبيعة تنظيم اليوم المدرسي على شكل حصص محدودة وقصيرة نسبياً.
4- عدم المساواة في تعزيز المكافآت والجوائز على التلاميذ وإعطائها للسلوكيات المميزة فقط.
5- خلق جو من التباعد والنفور أحياناً بين المدرسين والتلاميذ.
هـ- المواد والخبرات التعليمية:
يتم الحكم على فاعلية النواتج التعليمية من خلال ما تقدمه للتلاميذ من معارف وخبرات يستفيد منها ويتعامل معها وهذه المعارف والخبرات يأتي من المواد والخبرات التعليمية التي يحتويها الكتاب المدرسي وغيره من المراجع العلمية وهذا يتطلب من المعلم المرونة في التعامل مع هذه المواد مما يسهل على التلاميذ استيعابها فإذا لم يتم استغلالها بالشكل المطلوب وبالطريقة الصحيحة شكلت عائقاً أمام التلاميذ وفيما يلي بعض الأساليب التي تساهم فيها المواد والخبرات التعليمية في تدني الدافعية للتعليم الصفي:
1- عدم وجود الترابط اللازم بين الخبرات والمواد التي تقدم للمتعلم.
2- غموض الأهداف التي يراد تحقيقها عند الطلبة.
3- افتقارها للمعنى مما يصعب استيعابها.
4- قصورها في إشباع حاجات المتعلم ودوافعه للاستطلاع وحب المعرفة.
5- قصورها في حل المشكلات الواقعية الحياتية عند المتعلم.
(قطامي,1999,ص174-175-177-179)
خامساً: المعلم ودوره في العملية التربوية:
المعلم هو أحد المكونات الرئيسية في العملية التربوية وهو العنصر الفاعل في جعلها كائناً حياً متطوراً وفاعلاً وحجر الزاوية في تطويرها فقد كان ينظر إليه فيما مضى على أنه مجرد وسيط لنقل المعرفة فحسب، ولكنه أصبح الآن هو القائم على عملية التغير في المجتمع وبصورة ديناميكية.
فالمعلم يلعب دوراً أساسياً في العملية التربوية فهو الذي يجعل خبرات المنهاج نابضة بالحياة جذابة شيقة فيقبل عليها التلاميذ ويجدون فيها المتعة والفائدة ويتفاعلون معها فيستوعبونها فتنميهم وهو الذي يحيل هذه الخبرات أحياناً إلى مادة جافة منفردة فينصرف انتباه التلميذ عنها لغيرها فيتعذر فهمها وإذا فهمت وتم استيعابها فإن هذا الاستيعاب يكون ذا مستوى متدني وللمعلم أثره على طلبته في موقفه التربوي فهو بالنسبة لهم القدوة في طلب المعرفة والتزويد بها، وفي اتجاهاته وقيمه وسلوكه حيث أن ((الطلبة لا يتأثرون بسلوك المعلم وتصرفاته باعتباره قائداً لهم فحسب، وإنما أيضاً باعتباره أولاً وأخيراً معلمهم ومؤدبهم)).
لذلك ازدادت الحاجة لإعداد المعلم وتدريبه نظراً لأهمية دوره في تفعيل العملية التربوية وبناء جيل المستقبل والإقبال المتزايد على الالتحاق بالمدارس.